فصل: ذكر عمرة النبي صلى الله عليه وسلم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الطبقات الكبرى **


 سرية رسول الله عام الفتح

ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في شهر رمضان سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لما دخل شعبان على رأس اثنين وعشرين شهرا من صلح الحديبية كلمت بنو نفاثة وهم من بني بكر أشراف قريش أن يعينوهم على خزاعة بالرجال والسلاح فوعدوهم ووافوهم بالوتير متنكرين متنقبين فيهم صفوان بن أمية وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص بن الأخيف فبيتوا خزاعة ليلا وهم غارون آمنون فقتلوا منهم عشرين رجلا ثم ندمت قريش على ما صنعت وعلموا أن هذا نقض للمدة والعهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين راكبا من خزاعة فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه بالذي أصابهم ويستنصرونه فقام وهو يجر رداءه وهو يقول لا نصرت إن لم أنصر بني كعب مما أنصر منه نفسي وقال إن هذا السحاب ليستهل بنصر بني كعب وقدم أبو سفيان بن حرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يسأله أن يجدد العهد ويزيد في المدة فأبى عليه فقام أبو سفيان فقال إني قد أجرت بين الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت تقول ذلك يا أبا سفيان ثم انصرف إلى مكة فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخفى أمره وأخذ بالأنقاب وقال اللهم خذ أبصارهم فلا يروني إلا بغتة فلما أجمع المسير كتب حاطب بن بلتعة إلى قريش يخبرهم بذلك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والمقداد بن عمرو فأخذا رسوله وكتابه فجاءا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من حوله من العرب فجلهم أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع وسليم فمنهم من وافاه بالمدينة ومنهم من لحقه بالطريق فكان المسلمون في غزوة الفتح عشرة آلاف واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وخرج يوم الأربعاء لعشر ليال خلون من شهر رمضان بعد العصر فلما انتهى إلى الصلصل قدم أمامه الزبير بن العوام في مائتين من المسلمين ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يفطر فليفطر ومن أحب أن يصوم فليصم ثم سار فلما كان بقديد عقد الألوية والرايات ودفعها إلى القبائل ثم نزل مر الظهران عشاء فأمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار ولم يبلغ قريشا مسيره وهم مغتمون لما يخافون من غزوه إياهم فبعثوا أبا سفيان بن حرب يتحسب الأخبار وقالوا إن لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا فخرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء فلما رأوا العسكر أفزعهم وقد استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة على الحرس عمر بن الخطاب فسمع العباس بن عبد المطلب صوت أبي سفيان فقال أبا حنظلة فقال لبيك فما وراءك فقال هذا رسول الله في عشرة آلاف فأسلم ثكلتك أمك وعشيرتك فأجاره وخرج به وبصاحبيه حتى أدخلهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا وجعل لأبي سفيان أن من دخل داره فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في كتيبته الخضراء وهو على ناقته القصواء بين أبي بكر وأسيد بن حضير وقد حبس أبو سفيان فرأى ما لا قبل له به فقال يا أبا الفضل لقد أصبح ملك بن أخيك عظيما فقال العباس ويحك إنه ليس بملك ولكنها نبوة قال فنعم وكانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ مع سعد بن عبادة فبلغه عنه في قريش كلام وتواعد لهم فأخذها منه فدفعها إلى ابنه قيس بن سعد وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة أن يدخل من كداء والزبير من كدى وخالد بن الوليد من الليط ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذاخر ونهى عن القتال وأمر بقتل ستة نفر وأربع نساء عكرمة بن أبي جهل وهبار بن الأسود وعبد الله بن سعد بن أبي سرح ومقيس بن صبابة الليثي والحويرث بن نقيذ وعبد الله بن هلال بن خطل الأدرمي وهند بنت عتبة وسارة مولاة عمرو بن هشام وفرتنا وقريبة فقتل منهم بن خطل والحويرث بن نقيذ ومقيس بن صبابة وكل الجنود لم يلقوا جمعا غير خالد بن الوليد لقيه صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل في جمع من قريش بالخندمة فمنعوه من الدخول وشهروا السلاح ورموا بالنبل فصاح خالد في أصحابه وقاتلهم فقتل أربعة وعشرين رجلا من قريش وأربعة نفر من هذيل وانهزموا أقبح الإنهزام فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثنية أذاخر رأى البارقة فقال ألم أنه عن القتال فقيل خالد قوتل فقاتل فقال قضاء الله خير وقتل من المسلمين رجلان أخطآ الطريق أحدهما كرز بن جابر الفهري وخالد الأشقر الخزاعي وضربت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبة من أدم بالحجون فمضى الزبير بن العوام برايته حتى ركزها عندها وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلها فقيل له ألا تنزل منزلك فقال وهل ترك عقيل لنا منزلا ودخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة عنوة فأسلم الناس طائعين وكارهين وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت على راحلته وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجعل كلما مر بصنم منها يشير إليه بقضيب في يده ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فيقع الصنم لوجهه وكان أعظمها هبل وهو وجاه الكعبة ثم جاء إلى المقام وهو لاصق بالكعبة فصلى خلفه ركعتين ثم جلس ناحية من المسجد وأرسل بلالا إلى عثمان بن طلحة أن يأتي بمفتاح الكعبة فجاء به عثمان فقبضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح الباب ودخل الكعبة فصلى فيها ركعتين وخرج فأخذ بعضادتي الباب والمفتاح معه وقد لبط بالناس حول الكعبة فخطب الناس يومئذ ودعا عثمان بن طلحة فدفع إليه المفتاح وقال خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم أحد إلا ظالم ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب وقال أعطيتكم ما ترزأكم ولا ترزؤونها ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم بن أسد الخزاعي فجدد أنصاب الحرم وحانت الظهر فأذن بلال فوق ظهر الكعبة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغزى قريش بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة يعني على الكفر ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحزورة وقال إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي يعني مكة ولولا أني أخرجت منك ما خرجت وبث رسول الله صلى الله عليه وسلم السرايا إلى الأصنام التي حول الكعبة فكسرها منها العزى ومناة وسواع وبوانة وذو الكفين فنادى مناديه بمكة من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره ولما كان من الغد من يوم الفتح خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الظهر فقال إن الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى يوم القيامة ولم تحل لي إلا ساعة من نهار ثم رجعت كحرمتها بالأمس فليبلغ شاهدكم غائبكم ولا يحل لنا من غنائمها شيء وفتحها يوم الجمعة لعشر بقين من شهر رمضان وأقام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة يصلي ركعتين ثم خرج إلى حنين واستعمل على مكة عتاب بن أسيد يصلي بهم ومعاذ بن جبل يعلمهم السنن والفقه وأخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشر مضين من رمضان عام الفتح من المدينة فصام حتى إذا كان بالكديد أفطر فكانوا يرون أنه الآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان عن بن شهاب أن عبيد الله بن عبد الله أخبره أن بن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في رمضان فصام حتى إذا كان بالكديد واجتمع الناس إليه أخذ قعبا فشرب منه ثم قال أيها الناس من قبل الرخصة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبلها ومن صام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صام فكانوا يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره ويرون المحكم الناسخ أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا ليث بن سعد حدثني بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن بن عباس أنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي أخبرنا عطية بن قيس عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال أذننا رسول الله صلى الله عليه وسلم لليلتين خلتا من شهر رمضان فخرجنا ونحن صوام حتى إذا بلغنا الكديد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفطر فأصبحنا شرجين منا الصائم ومنا المفطر حتى إذا بلغنا مر الظهران أعلمنا أنا نلقى العدو وأمرنا بالفطر وأخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا شعبة وأخبرنا مسلم بن إبراهيم عن هشام الدستوائي قالا أخبرنا قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتحنا مكة لثماني عشرة أو سبع عشرة من رمضان فصام بعضنا وأفطر بعضنا فلم يعب المفطر على الصائم ولا الصائم على المفطر أخبرنا هاشم بن القاسم قال أخبرنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة حتى أتى قديدا فأتي بقدح من لبن فأفطر وأمر الناس أن يفطروا أخبرنا طلق بن غنام النخعي أخبرنا عبد الرحمن بن جرجيس الجعفري حدثني حماد عن إبراهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح مكة في عشر من رمضان وهو صائم مسافر مجاهد أخبرنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة بثمانية آلاف أو عشرة آلاف وخرج من أهل مكة بألفين إلى حنين أخبرنا عمر بن سعد أبو داود الحفري عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن بن أبزى قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في عشرة آلاف أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أنه قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ونحن ألف ونيف يعني قومه مزينة ففتح الله له مكة وحنينا أخبرنا معن بن عيسى وشبابة بن سوار وموسى بن داود قالوا أخبرنا مالك بن أنس عن بن شهاب عن أنس بن مالك قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر ثم نزعه قال معن وموسى بن داود في حديثهما فجاء رجل فقال يا رسول الله بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوه قال معن في حديثه قال مالك ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرما أخبرنا إسماعيل بن أبان الوراق أخبرنا أبو أويس حدثني الزهري أن أنس بن مالك حدثه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه عن رأسه أتاه رجل فقال يا رسول الله هذا بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوه حيث وجدتموه أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان يعني الثوري عن بن جريج عن رجل عن طاوس قال لم يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة إلا محرما إلا يوم الفتح دخل بغير إحرام أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا شريك عن عمار الدهني عن أبي الزبير عن جابر قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وعليه عمامة سوداء حدثنا عفان بن مسلم وكثير بن هشام قالا أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح من أعلى مكة وخرج من أسفل مكة أخبرنا سويد بن سعيد قال أخبرنا حفص بن ميسرة أبو عمر الصنعاني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من كداء من الثنية التي بأعلى مكة أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد السكري أخبرنا يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل مكة من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي وشبابة بن سوار وهاشم بن القاسم أبو عمرو بن الهيثم أبو قطن قالوا أخبرنا شعبة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة لأصحابه إن هذا يوم قتال فأفطروا قال شبابة قال شعبة لم يسمع عمرو بن دينار من عبيد بن عمير إلا ثلاثة أحاديث أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قالا لما كان يوم فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة كان عبد الله بن أم مكتوم بين يديه وبين الصفا والمروة وهو يقول يا حبذا مكة من وادي أرض بها أهلي وعوادي أرض بها أمشي بلا هادي أرض بها ترسخ أوتادي أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل بن أبي سرح يوم الفتح وفرتنا وابن الزبعرى وابن خطل فأتاه أبو برزة وهو متعلق بأستار الكعبة فبقر بطنه وكان رجل من الأنصار قد نذر إن رأى بن أبي سرح أن يقتله فجاء عثمان وكان أخاه من الرضاعة فشفع له إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخذ الأنصاري بقائم السيف ينتظر النبي متى يوميء إليه أن يقتله فشفع له عثمان حتى تركه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري هلا وفيت بنذرك فقال يا رسول الله وضعت يدي على قائم السيف أنتظر متى توميء فأقتله فقال النبي صلى الله عليه وسلم الإيماء خيانة ليس لنبي أن يوميء أخبرنا أحمد بن الحجاج الخراساني أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا معمر عن الزهري عن بعض آل عمر بن الخطاب قال لما كان يوم الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة أرسل إلى صفوان بن أمية بن خلف وإلى أبي سفيان بن حرب وإلى الحارث بن هشام قال عمر قلت قد أمكن الله منهم أعرفهم بما صنعوا حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم مثلي ومثلكم كما قال يوسف لإخوته لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين قال عمر فانفضحت حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهية لما كان مني وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلمما قال أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها ولم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل صورة فيها أخبرنا موسى بن داود أخبرنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن بن عباس عن الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت فكان يسبح ويكبر ويدعو ولا يركع أخبرنا خالد بن مخلد البجلي أخبرنا سليمان بن بلال حدثني عبد الرحمن بن الحارث بن عياش عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جلس النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح على درج الكعبة فحمد الله وأثنى عليه وقال فيما تكلم به لا هجرة بعد الفتح أخبرنا موسى بن داود بن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة قال كان يوم الفتح بمكة دخان وهو قول الله عز وجل يوم تأتي السماء بدخان مبين أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا شعبة عن أبي إياس قال سمعت عبد الله بن المغفل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقة وهو يسير ويقرأ سورة الفتح ويرجع ويقول لولا أن يجتمع الناس حولي لرجعت كما رجع أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا أبو معشر عن العباس بن عبد الله بن معبد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح أذهبوا عنكم عبية الجاهلية وفخرها بآبائها الناس كلهم بنو آدم وآدم من تراب أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني أخبرنا إبراهيم بن عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب بن منبه قال سألت جابر بن عبد الله هل غنموا يوم الفتح شيئا قال لا أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن عمران بن حصين قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان عن يحيى بن أبي إسحاق قال سمعت أنس بن مالك قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصر حتى أتى مكة وأقمنا بها عشرا يقصر حتى رجع أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح بمكة خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة حتى سار إلى حنين أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا المسعودي عن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة لست مضين فسار سبعا يصلي ركعتين حتى قدم مكة فأقام بها نصف شهر يقصر الصلاة ثم خرج لليلتين بقيتا من شهر رمضان إلى حنين أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا شريك عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عكرمة عن بن عباس قال أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الفتح سبعة عشر يوما يصلي ركعتين أخبرنا محمد بن حرب المكي أخبرنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمكة عام الفتح خمس عشرة ليلة يصلي ركعتين ركعتين أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن عمران بن حصين قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الفتح بمكة ثماني عشرة يصلي ركعتين ركعتين أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب أخبرنا عمارة بن غزية أخبرنا الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فأقام خمس عشرة من بين يوم وليلة أخبرنا كثير بن هشام أخبرنا الفرات بن سليمان عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن مجاهد عن مولاة لأم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة دعا بإناء فاغتسل ثم صلى أربع ركعات أخبرنا يحيى بن عباد أخبرنا فليح بن سليمان سمعت سعيد بن أبي سعيد المقبري قال أخبرني أبو مرة مولى أم هانئ أن أم هانئ أخبرته أنها دخلت منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح تكلمه في رجل تستأمن له فقالت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وقع الغبار على رأسه ولحيته فستر بثوب فاغتسل ثم خالف بين طرفي ثوبه فصلى الضحى ثماني ركعات أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا ليث بن سعد حدثني يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن أبي هند أن أبا مرة مولى عقيل بن أبي طالب أخبره أن أم هانئ بنت أبي طالب حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلملما كان عام الفتح فر إليها رجلان من بني مخزوم فأجارتهما فدخل علي عليها فقال لأقتلنهما قالت فلما سمعته يقول ذلك أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم رحب بي وقال ما جاء بك يا أم هانئ قلت يا نبي الله كنت قد آمنت رجلين من أحمائي فأراد علي قتلهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غسله فسترته بثوب ثم أخذ ثوبه فالتحف به ثم صلى ثماني ركعات سبحة الضحى أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة المكي حدثني سعيد بن سالم المكي عن رجل قد سماه قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سوق مكة حين افتتحها سعيد بن سعيد العاص بن أمية فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلى الطائف خرج معه سعيد بن سعيد فاستشهد بالطائف أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة حدثني مسلم بن خالد الزنجي عن أبي جريج قال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف في عام الفتح استخلف على مكة هبيرة بن شبل بن العجلان الثقفي فلما رجع من الطائف وأراد الخروج إلى المدينة استعمل عتاب بن أسيد على مكة وعلى الحج سنة ثمان أخبرنا محمد بن عبيد حدثني زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال قال الحارث بن مالك بن برصاء سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح يقول لا تغزى بعدها إلى يوم القيامة سرية خالد بن الوليد إلى العزى‏:‏ ثم سرية خالد بن الوليد إلى العزى لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة خالد بن الوليد إلى العزى ليهدمها فخرج في ثلاثين فارسا من أصحابه حتى انتهوا إليها فهدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال هل رأيت شيئا قال لا قال فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها فرجع خالد وهو متغيظ فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة الرأس فجعل السادن يصيح بها فضربها خالد فجزلها باثنين ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال نعم تلك العزى وقد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا وكانت بنخلة وكانت لقريش وجميع بني كنانة وكانت أعظم أصنامهم وكان سدنتها بنو شيبان من بني سليم سرية عمرو بن العاص إلى سواع‏:‏ ثم سرية عمرو بن العاص إلى سواع في شهر رمضان سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة عمرو بن العاص إلى سواع صنم هذيل ليهدمه قال عمرو فانتهيت إليه وعنده السادن فقال ما تريد قلت أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه قال لا تقدر على ذلك قلت لم قال تمنع قلت حتى الآن أنت في الباطل ويحك وهل يسمع أو يبصر قال فدنوت منه فكسرته وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فيه شيئا ثم قلت للسادن كيف رأيت قال أسلمت لله سرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة‏:‏ ثم سرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة في شهر رمضان سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة وكانت بالمشلل للأوس والخزرج وغسان فلما كان يوم الفتح بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأشهلي يهدمها فخرج في عشرين فارسا حتى انتهى إليها وعليها سادن فقال السادن ما تريد قال هدم مناة قال أنت وذاك فأقبل سعد يمشي إليها وتخرج إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها فقال السادن مناة دونك بعض غضباتك ويضربها سعد بن زيد الأشهلي وقتلها ويقبل إلى الصنم معه أصحابه فهدموه ولم يجدوا في خزانتها شيئا وانصرف راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك لست بقين من شهر رمضان سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة‏:‏ ثم سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة وكانوا بأسفل مكة على ليلة ناحية يلملم في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الغميصاء قالوا لما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم بمكة بعثه إلى بني جذيمة داعيا إلى الإسلام ولم يبعثه مقاتلا فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وبني سليم فانتهى إليهم خالد فقال ما أنتم قالوا مسلمون قد صلينا وصدقنا بمحمد وبنينا المساجد في ساحاتنا وأذنا فيها قال فما بال السلاح عليكم فقالوا إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا السلاح قال فضعوا السلاح قال فوضعوه فقال لهم استأسروا فاستأسر القوم فأمر بعضهم فكتف بعضا وفرقهم في أصحابه فلما كان في السحر نادى خالد من كان معه أسير فليدافه والمدافة الإجهاز عليه بالسيف فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع خالد فقال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد وبعث علي بن أبي طالب فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم ثم انصرف إلى رسول الله فأخبره أخبرنا العباس بن الفضل الأزرق البصري أخبرنا خالد بن يزيد الجوني أخبرنا محمد بن إسحاق عن بن أبي حدرد عن أبيه قال كنت في الخيل التي أغارت مع خالد بن الوليد على بني جذيمة يوم الغميصاء فلحقنا رجلا منهم معه نسوة فجعل يقاتلنا عنهن ويقول‏:‏ رخين أذيال الحقاء وأربعن مشي حييات كأن لم تفزعن إن يمنع القوم ثلاث تمنعن قال‏:‏ إذا لحقنا آخر معه نسوة قال فجعل يقاتل عنهن ويقول قد علمت بيضاء حمراء الإطل يحوزها ذو ثلة وذو إبل لأغنين اليوم ما أغنى رجل فقاتل عنهن حتى أصعدهن الجبل قال إذا لحقنا آخر معه نسوة فجعل يقاتل عنهن ويقول‏:‏ قد علمت بيضاء ضربا تلهي العرسا لا تملأ اللجين منها نهسا لأضربن اليوم ضربا وعسا ضرب المذيدين المخاض القعسا فقاتل عنهن حتى أصعدهن الجبل فقال خالد لا تتبعوهم أخبرنا العباس بن الفضل أخبرنا سفيان بن عيينة حدثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق القرشي عن عبد الله بن عصام المزني عن أبيه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بطن نخلة فقال اقتلوا ما لم تسمعوا مؤذنا أو تروا مسجدا إذا لحقنا رجلا فقلنا له كافر أو مسلم فقال إن كنت كافرا فمه قلنا له إن كنت كافرا قتلناك قال دعوني أقض إلى النسوان حاجة قال إذا دنا إلى امرأة منهن فقال لها اسلمي حبيش على نفد العيش أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم بحلية أو أدركتكم بالخوانق أما كان أهلا أن ينول عاشق تكلف إدلاج السرى والودائق أثيبي قبل أن تشحط النوى وينأى أميري بالحبيب المفارق فقالت نعم حييت عشرا وسبعا وترا وثمانيا تترى قال فقربناه فضربنا عنقه قال فجاءت فجعلت ترشفه حتى ماتت عليه وقال سفيان وإذا امرأة كثيرة النحض يعني اللحم‏.‏

 غزوة رسول الله إلى حنين

ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين وهي غزوة هوازن في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحنين واد بينه وبين مكة ثلاث ليال قالوا لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة مشت أشراف هوازن وثقيف بعضها إلى بعض وحشدوا وبغوا وجمع أمرهم مالك بن عوف النصري وهو يومئذ بن ثلاثين سنة وأمرهم فجاؤوا معهم بأموالهم ونستئهم وأبنائهم حتى نزلوا بأوطاس وجعلت الأمداد تأتيهم فأجمعوا المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة يوم السبت لست ليال خلون من شوال في اثني عشر ألفا من المسلمين عشرة آلاف من أهل المدينة وألفان من أهل مكة فقال أبو بكر لا نغلب اليوم من قلة وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من المشركين كثير منهم صفوان بن أمية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه مائة درع بأداتها فانتهى إلى حنين مساء ليلة الثلثاء لعشر ليال خلون من شوال فبعث مالك بن عوف ثلاثة نفر يأتونه بخبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم من الرعب ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي فدخل عسكرهم فطاف به وجاء بخبرهم فلما كان من الليل عمد مالك بن عوف إلى أصحابه فعبأهم في وادي حنين فأوعز إليهم أن يحملوا على محمد وأصحابه حملة واحدة وعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في السحر وصفهم صفوفا ووضع الألوية والرايات في أهلها مع المهاجرين لواء يحمله علي بن أبي طالب وراية يحملها سعد بن أبي وقاص وراية يحملها عمر بن الخطاب ولواء الخزرج يحمله حباب بن المنذر ويقال لواء الخزرج الآخر مع سعد بن عبادة ولواء الأوس مع أسيد بن حضير وفي كل بطن من الأوس والخزرج لواء أو راية يحملها رجل منهم مسمى وقبائل العرب فيهم الألوية والرايات يحملها قوم منهم مسمون وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قدم سليما من يوم خرج من مكة واستعمل عليهم خالد بن الوليد فلم يزل على مقدمته حتى ورد الجعرانة وانحدر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وادي الحنين على تعبئة وركب بغلته البيضاء دلدل ولبس درعين والمغفر والبيضة فاستقبلهم من هوازن شيء لم يروا مثله قط من السواد والكثرة وذلك في غبش الصبح وخرجت الكتائب من مضيق الوادي وشعبه فحملوا حملة واحدة وانكشفت الخيل خيل بني سليم مولية وتبعه أهل مكة وتبعهم الناس منهزمين فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا أنصار الله وأنصار رسوله أنا عبد الله ورسوله ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العسكر وثاب إليه من انهزم وثبت معه يومئذ العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب والفضل بن عباس وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وأبو بكر وعمر وأسامة بن زيد في أناس من أهل بيته وأصحابه وجعل يقول للعباس ناد يا معشر الأنصار يا أصحاب السمرة يا أصحاب سورة البقرة فنادى وكان صيتا فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت على أولادها يقولون يا لبيك يا لبيك فحملوا على المشركين فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى قتالهم فقال الآن حمي الوطيس أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب ثم قال للعباس بن عبد المطلب ناولني حصيات فناولته حصيات من الأرض ثم قال شاهت الوجوه ورمى بها وجوه المشركين وقال انهزموا ورب الكعبة وقذف الله في قلوبهم الرعب وانهزموا لا يلوي أحد منهم على أحد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل من قدر عليه فحنق المسلمون عليهم يقتلونهم حتى قتلوا الذرية فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى عن قتل الذرية وكان معه سيماء الملائكة يوم حنين عمائم حمر قد أرخوها بين أكتافهم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب العدو فانتهى بعضهم إلى الطائف وبعضهم نحو نخلة وتوجه قوم منهم إلى أوطاس فعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي عامر الأشعري لواء ووجهه في طلبهم وكان معه سلمة بن الأكوع فانتهى إلى عسكرهم فإذا هم ممتنعون فقتل منهم أبو عامر تسعة مبارزة ثم برز له العاشر معلما بعمامة صفراء فضرب أبا عامر فقتله واستخلف أبو عامر أبا موسى الأشعري فقاتلهم حتى فتح الله عليه وقتل قاتل أبي عامر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لأبي عامر واجعله من أعلى أمتي في الجنة ودعا لأبي موسى أيضا وقتل من المسلمين أيضا أيمن بن عبيد بن زيد الخزرجي وهو بن أم أيمن أخو أسامة بن زيد لأمه وسراقة بن الحارث ورقيم بن ثعلبة بن زيد بن لوذان واستحر القتال في بني نصر بن معاوية ثم في بني رباب فقال عبد الله بن قيس وكان مسلما هلكت بنو رباب وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجبر مصيبتهم ووقف مالك بن عوف على ثنية من الثنايا حتى مضى ضعفاء أصحابه وتتام آخرهم ثم هرب فتحصن في قصر بلية ويقال دخل حصن ثقيف وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبي والغنائم تجمع فجمع ذلك كله وحدروه إلى الجعرانة فوقف بها إلى أن انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف وهم في حظائرهم يستظلون بها من الشمس وكان السبي ستة آلاف رأس والإبل أربعة وعشرين ألف بعير والغنم أكثر من أربعين ألف شاة وأربعة آلاف أوقية فضة فاستأنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبي أن يقدم عليه وفدهم وبدأ بالأموال فقسمها وأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس فأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل قال ابني يزيد قال أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل قال ابني معاوية قال أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل فأعطاه إياها وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل ثم سأله مائة أخرى فأعطاه إياها وأعطى النصر بن الحارث بن كلدة مائة من الإبل وأعطى أسيد بن جارية الثقفي مائة من الإبل وأعطى العلاء بن حارثة الثقفي خمسين بعيرا وأعطى مخرمة بن نوفل خمسين بعيرا وأعطى الحارث بن هشلم مائة من الإبل وأعطى سعيد بن يربوع خمسين من الإبل وأعطى صفوان بن أمية مائة من الإبل وأعطى قيس بن عدي مائة من الإبل وأعطى عثمان بن وهب خمسين من الإبل وأعطى سهيل بن عمرو مائة من الإبل وأعطى حويطب بن عبد العزى مائة من الإبل وأعطى هشام بن عمرو العامري خمسين من الإبل وأعطى الأقرع بن حابس التميمي مائة من الإبل وأعطى عيينة بن حصن مائة من الإبل وأعطى مالك بن عوف مائة من الإبل وأعطى العباس بن مرداس أربعين من الإبل فقال في ذلك شعرا فأعطاه مائة من الإبل ويقال خمسين وأعطى ذلك كله من الخمس وهو أثبت الأقاويل عندنا ثم أمر زيد بن ثابت بإحصاء الناس والغنائم ثم فضها على الناس فكانت سهامهم لكل رجل أربع من الإبل وأربعون شاة فإن كان فارسا أخذ اثني عشر من الإبل وعشرين ومائة شاة وإن كان معه أكثر من فرس لم يسهم له وقدم وفد هوازن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربعة عشر رجلا ورأسهم زهير بن صرد وفيهم أبو برقان عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فسألوه أن يمن عليهم بالسبي فقال أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم قالوا ما كنا نعدل بالأحساب شيئا فقال أما ما لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وسأسأل لكم الناس فقال المهاجرون والأنصار ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الأقرع بن حابس أما أنا وبنو تميم فلا وقال عيينة بن حصن أما أنا وبنو فزارة فلا وقال العباس بن مرداس أما أنا وبنو سليم فلا وقالت بنو سليم ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال العباس بن مرداس وهنتموني وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هؤلاء القوم جاؤوا مسلمين وقد كنت استأنيت بسبيهم وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا فمن كان عنده منهم شيء فطابت نفسه أن يرده فسبيل ذلك ومن أبى فليرد عليهم وليكن ذلك قرضا علينا ست فرائض من أول ما يفيء الله علينا قالوا رضينا وسلمنا فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم ولم يختلف منهم أحد غير عيينة بن حصن فإنه أبى أن يرد عجوزا صارت في يده منهم ثم ردها بعد ذلك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كسا السبي قبطية قبطية قالوا فلما رأت الأنصار ما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قريش والعرب تكلموا في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار أما ترضون أن يرجع الناس بالشاء والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم قالوا رضينا يا رسول الله بك حظا وقسما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة فأقام بها ثلاث عشرة ليلة فلما أراد الانصراف إلى المدينة خرج ليلة الأربعاء لأثنتي عشرة بقيت من ذي القعدة ليلا فأحرم بعمرة ودخل مكة فطاف وسعى وحلق رأسه ورجع إلى الجعرانة من ليلته كبائت ثم غدا يوم الخميس فانصرف إلى المدينة فسلك في وادي الجعرانة حتى خرج على سرف ثم أخذ الطريق إلى مر الظهران ثم إلى المدينة صلى الله عليه وسلم أخبرنا الضحاك بن مخلد الشيباني أبو عاصم النبيل قال أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثقفي وأخبرني عبد الله بن عباس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى هوازن في اثني عشر ألفا فقتل منهم مثل ما قتل من قريش يوم بدر وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ترابا من البطحاء فرمى به وجوهنا فانهزمنا أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن الزهري عن كثير بن عباس بن عبد المطلب عن أبيه قال لما كان يوم حنين التقى المسلمون والمشركون فولى المسلمون يومئذ فلقد رأيت رسول الله وما معه أحد إلا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أخذ بغرز النبي صلى الله عليه وسلم والنبي ما يألو ما أسرع نحو المشركين قال فأتيته حتى أخذت بلجامه وهو على بغلة له شهباء فقال يا عباس ناد يا أصحاب السمرة قال وكنت رجلا صيتا فناديت بصوتي الأعلى أين أصحاب السمرة فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت إلى أولادها يا لبيك يا لبيك يا لبيك وأقبل المشركون فالتقوا هم والمسلمون ونادت الأنصار يا معشر الأنصار مرتين ثم قصرت الدعوى في بني الحارث بن الخزرج فنادوا يا بني الحارث بن الخزرج فنظر النبي وهو على بغلته كالمتطاول إلى قتالهم فقال هذا حين حمي الوطيس ثم أخذ بيده من الحصى فرماهم بها ثم قال انهزموا ورب الكعبة قال فوالله ما زال أمرهم مدبرا وحدهم كليلا حتى هزمهم الله فكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلة له قال الزهري وأخبرني بن المسيب أنهم أصابوا يومئذ ستة آلاف من السبي فجاؤوا مسلمين بعد ذلك فقالوا يا نبي الله أنت خير الناس وقد أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالنا فقال إن عندي من ترون وإن خير القول أصدقه فاختاروا مني إما ذراريكم ونساءكم وإما أموالكم قالوا ما كنا لنعدل بالأحساب شيئا فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال إن هؤلاء قد جاؤوا مسلمين وإنا قد خيرناهم بين الذراري والأموال فلم يعدلوا بالأحساب شيئا فمن كان عنده منهم شيء فطابت نفسه أن يرده فسبيل ذلك ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيئا فنعطيه مكانه قالوا يا نبي الله قد رضينا وسلمنا قال إني لا أدري لعل فيكم من لا يرضى فمروا عرفاءكم يرفعون ذلك إلينا فرفعت إليه العرفاء أن قد رضوا وسلموا أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة أخبرنا يعلى بن عطاء عن أبي همام عن أبي عبد الرحمن الفهري قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فسطاطه فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله حان الرواح فقال أجل ثم قال يا بلال فثار من تحت شجرة سمرة كأن ظله ظل طائر فقال لبيك وسعديك وأنا فداؤك قال أسرج لي فرسي فأخرج سرجا دفاته من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر قال فأسرج فركب وركبنا فصاففناهم عشيتنا وليلتنا فتشامت الخيلان فولى المسلمون مدبرين كما قال الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله ثم قال يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله قال ثم اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه فأخذ كفا من تراب فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به وجوههم وقال شاهت الوجوه فهزمهم الله قال يعلى بن عطاء فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا لم يبق منا إلا امتلأت عيناه وفوه ترابا وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الجديد أخبرنا عفان بن مسلم وعمرو بن عاصم الكلابي قالا أخبرنا همام أخبرنا قتادة عن الحسن عن سمرة أن يوم حنين كان يوما مطيرا قال فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى إن الصلاة في الرحال أخبرنا عمرو بن عاصم أخبرنا همام أخبرنا قتادة وأخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا شعبة قال قتادة أخبرني عن أبي المليح عن أبيه قال أصابنا مطر بحنين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى إن الصلاة في الرحال وأخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرني عبد الرحمن المسعودي عن القاسم عن عبد الله بن مسعود قالوا نودي في الناس يوم حنين يا أصحاب سورة البقرة فأقبلوا بسيوفهم كأنها الشهب فهزم الله المشركين سرية الطفيل بن عمرو الدوسي إلى ذي الكفين‏:‏ ثم سرية الطفيل بن عمرو الدوسي إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة الدوسي في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى الطائف بعث الطفيل بن عمرو إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة الدوسي يهدمه وأمره أن يستمد قومه ويوافيه بالطائف فخرج سريعا إلى قومه فهدم ذا الكفين وجعل يحش النار يا ذا الكفين لست من عبادكا ميلادنا أقدم من ميلادكا إني حششت النار في فؤادكا قال وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعا فوافوا النبي صلى الله عليه وسلم بالطائف بعد مقدمه بأربعة أيام وقدم بدبابة ومنجنيق وقال يا معشر الأزد من يحمل رايتكم فقال الطفيل من كان يحملها في الجاهلية النعمان بن بازية اللهبي قال أصبتم‏.‏

 غزوة رسول الله الطائف

ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف في شوال سنة ثمان من مهاجره قالوا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين يريد الطائف وقدم خالد بن الوليد على مقدمته وقد كانت ثقيف رموا حصنهم وأدخلوا فيه ما يصلحهم لسنة فلما انهزموا من أوطاس دخلوا حصنهم وأغلقوه عليهم وتهيأوا للقتال وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قريبا من حصن الطائف وعسكر هناك فرموا المسلمين بالنبل رميا شديدا كأنه رجل جراد حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة وقتل منهم اثنا عشر رجلا فيهم عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة وسعيد بن العاص ورمي عبد الله بن أبي بكر الصديق يومئذ فاندمل الجرح ثم انتفض به بعد ذلك فمات منه فارتفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع مسجد الطائف اليوم وكان معه من نسائه أم سلمة وزينب فضرب لهما قبتين وكان يصلي بين القبتين حصار الطائف كله فحاصرهم ثمانية عشر يوما ونصب عليهم المنجنيق ونتر الحسك سقبين من عيدان حول الحصن فرمتهم ثقيف بالنبل فقتل منهم رجال فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعنابهم وتحريقها فقطع المسلمون قطعا ذريعا ثم سألوه أن يدعها لله وللرحم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أدعها لله وللرحم ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر فخرج منهم بضعة عشر رجلا منهم أبو بكرة نزل في بكرة فقيل أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه فشق ذلك على أهل الطائف مشقة شديدة ولم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح الطائف واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم نوفل بن معاوية الديلي فقال ما ترى فقال ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب فأذن بالناس بالرحيل فضج الناس من ذلك وقالوا نرحل ولم يفتح علينا الطائف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاغدوا على القتال فغدوا فأصابت المسلمين جراحات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قافلون إن شاء الله فسروا بذلك وأذعنوا وجعلوا يرحلون ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده فلما ارتحلوا واستقلوا قال قولوا آئبون عابدون لربنا حامدون وقيل يا رسول الله ادع الله على ثقيف فقال اللهم اهد ثقيفا وأت بهم أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا أبو الأشهب أخبرنا الحسن قال حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف قال فرمي رجل من فوق سورها فقتل فأتى عمر فقال يا نبي الله ادع على ثقيف قال إن الله لم يأذن في ثقيف قال فكيف نقتل في قوم لم يأذن الله فيهم قال فارتحلوا فارتحلوا أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يوما أخبرنا نصر بن باب عن الحجاج يعني بن أرطأة عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من خرج إلينا من العبيد فهو حر فخرج عبيد من عبيدهم فيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المصدقين قالوا لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال المحرم سنة تسع من مهاجره بعث المصدقين يصدقون العرب فبعث عيينة بن حصن إلى بني تميم يصدقهم وبعث بريدة بن الحصيب إلى أسلم وغفار يصدقهم ويقال كعب بن مالك وبعث عباد بن بشر الأشهلي إلى سليم ومزينة وبعث رافع بن مكيث إلى جهينة وبعث عمرو بن العاص إلى بني فزارة وبعث الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب وبعث بسر بن سفيان الكعبي إلى بني كعب وبعث بن اللتبية الأزدي إلى بني ذبيان وبعث رجلا من سعد هذيم على صدقاتهم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقيه أن يأخذوا العفو منهم ويتوقوا كرائم أموالهم سرية عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم‏:‏ ثم سرية عيينة بن الحصن الفزاري إلى بني تميم وكانوا فيما بين السقيا وأرض بني تميم وذلك في المحرم سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم في خمسين فارسا من العرب ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري فكان يسير الليل ويكمن النهار فهجم عليهم في صحراء فدخلوا وسرحوا مواشيهم فلما رأوا الجمع ولوا وأخذ منهم أحد عشر رجلا ووجدوا في المحلة إحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيا فجلبهم إلى المدينة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبسوا في دار رملة بنت الحارث فقدم فيهم عدة من رؤسائهم عطارد بن حاجب والزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم والأقرع بن حابس وقيس بن الحارث ونعيم بن سعد وعمرو بن الأهتم ورباح بن الحارث بن مجاشع فلما رأوهم بكى إليهم النساء والذراري فعجلوا فجاؤوا إلى باب النبي صلى الله عليه وسلم فنادوا يا محمد اخرج إلينا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بلال الصلاة وتعلقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمونه فوقف معهم ثم مضى فصلى الظهر ثم جلس في صحن المسجد فقدموا عطارد بن حاجب فتكلم وخطب فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن شماس فأجابهم ونزل فيهم إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون فرد عليهم رسول الله الأسرى والسبي ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بلمصطلق من خزاعة يصدقهم وكانوا قد أسلموا وبنوا المساجد فلما سمعوا بدنو الوليد خرج منهم عشرون رجلا يتلقونه بالجزور والغنم فرحا به فلما رآهم ولى راجعا إلى المدينة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لقوه بالسلاح يحولون بينه وبين الصدقة فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم من يغزوهم وبلغ ذلك القوم فقدم عليه الركب الذيم لقوا الوليد فأخبروا النبي الخبر على وجهه فنزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة إلى آخر الآية فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن وبعث معهم عباد بن بشر يأخذ صدقات أموالهم ويعلمهم شرائع الإسلام ويقرئهم القرآن فلم يعد ما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يضيع حقا وأقام عندهم سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم‏:‏ ثم سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بناحية بيشة قريبا من تربة في صفر سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قطبة بن عامر بن حديدة في عشرين رجلا إلى حي من خثعم بناحية تبالة وأمره أن يشن الغارة عليهم فخرجوا على عشرة أبعرة يتعقبونها فأخذوا رجلا فسألوه فاستعجم عليهم فجعل يصيح بالحاضر ويحذرهم فضربوا عنقه ثم أمهلوا حتى نام الحاضر فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعا وقتل قطبة بن عامر من قتل وساقوا النعم والشاء والنساء إلى المدينة وجاء سيل أتي فحال بينهم وبينه فما يجدون إليه سبيلا وكانت سهمانهم أربعة أبعرة أربعة أبعرة والبعير يعدل بعشر من الغنم بعد أن أخرج الخمس سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب‏:‏ ثم سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب في شهر ربيع الأول سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا إلى القرطاء عليهم الضحاك بن سفيان بن عوف بن أبي بكر الكلابي ومعه الأصيد بن سلمة بن قرط فلقوهم بالزج زج لاوه فدعوهم إلى الإسلام فأبوا فقاتلوهم فهزموهم فلحق الأصيد أباه سلمة وسلمة على فرس له في غدير بالزج فدعا أباه إلى الإسلام وأعطاه الأمان فسبه وسب دينه فضرب الأصيد عرقوبي فرس أبيه فلما وقع الفرس على عرقوبيه ارتكز سلمة على رمحه في الماء ثم استمسك به حتى جاءه أحدهم فقتله ولم يقتله ابنه سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى الحبشة‏:‏ ثم سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى الحبشة في شهر ربيع الآخر سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من الحبشة تراياهم أهل جدة فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ثلاثمائة فانتهى إلى جزيرة في البحر وقد خاض إليهم البحر فهربوا منه فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهلهم فأذن لهم فتعجل عبد الله بن حذافة السهمي فيهم فأمره على من تعجل وكانت فيه دعابة فنزلوا ببعض الطريق وأوقدوا نارا يصطلون عليها ويصطنعون فقال عزمت عليكم إلا تواثبتم في هذه النار فقام بعض القوم فاحتجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها فقال اجلسوا إنما كنت أضحك معكم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من أمركم بمعصية فلا تطيعوه ثم سرية علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إلى الفلس صنم طيء ليهدمه في شهر ربيع الآخر سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في خمسين ومائة رجل من الأنصار على مائة بعير وخمسين فرسا ومعه راية سوداء ولواء أبيض إلى الفلس ليهدمه فشنوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر فهدموا الفلس وخربوه وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء وفي السبي أخت عدي بن حاتم وهرب عدي إلى الشام ووجد في خزانة الفلس ثلاثة أسياف رسوب والمخذم وسيف يقال له اليماني وثلاثة أدراع واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على السبي أبا قتادة واستعمل على الماشية والرثة عبد الله بن عتيك فلما نزلوا ركك اقتسموا الغنائم وعزل للنبي صلى الله عليه وسلم صفيا رسوبا والمخذم ثم صار له بعد السيف الآخر وعزل الخمس وعزل آل حاتم فلم يقسمهم حتى قدم بهم المدينة سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الجناب أرض عذرة وبلي‏:‏ ثم سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الجناب أرض عذرة وبلي في شهر ربيع الآخر سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ‏.‏

 غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك

في رجب سنة تسع من مهاجره قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة وأجلبت معه لخم وجذام وعاملة وغسان وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وذلك في حر شديد وأمرهم بالصدقة فحملوا صدقات كثيرة وقووا في سبيل الله وجاء البكاؤون وهم سبعة يستحملونه فقال لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون وهم سالم بن عمير وهرمي بن عمرو وعلبة بن زيد وأبو ليلى المازني وعمرو بن عنمة وسلمة بن صخر والعرباض بن سارية وفي بعض الروايات من يقول إن فيهم عبد الله بن المغفل ومعقل بن يسار وبعضهم يقولون البكاؤون بنو مقرن السبعة وهم من مزينة وجاء ناس من المنافقين يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف من غير علة فأذن لهم وهم بضعة وثمانون رجلا وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم فاعتذروا إليه فلم يعذرهم وهم اثنان وثمانون رجلا وكان عبد الله بن أبي بن سلول قد عسكر على ثنية الوداع في حلفائه من اليهود والمنافقين فكان يقال ليس عسكره بأقل العسكرين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف على عسكره أبا بكر الصديق يصلي بالناس واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة محمد بن مسلمة وهو أثبت عندنا ممن قال استخلف غيره فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عبد الله بن أبي ومن كان معه وتخلف نفر من المسلمين من غير شك ولا ارتياب منهم كعب بن مالك وهلال بن ربيع ومرارة بن الربيع وأبو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواء أو راية ومضى لوجهه يسير بأصحابه حتى قدم تبوك في ثلاثين ألفا من الناس والخيل عشرة آلاف فرس فأقام بها عشرين ليلة يصلي بها ركعتين ولحقه بها أبو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري وهرقل يومئذ بحمص فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في أربعمائة وعشرين فارسا في رجب سنة تسع سرية إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة وكان أكيدر من كندة وقد ملكهم وكان نصرانيا فانتهى إليه خالد وقد خرج من حصنه في ليلة مقمرة إلى بقر يطاردها هو وأخوه حسان فشدت عليه خيل خالد بن الوليد فاستأسر أكيدر وامتنع أخوه حسان وقاتل حتى قتل وهرب من كان معهما فدخل الحصن وأجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يفتح له دومة الجندل ففعل وصالحه على ألفي بعير وثمانمائة رأس وأربعمائة درع وأربعمائة رمح فعزل للنبي صلى الله عليه وسلم صفيا خالصا ثم قسم الغنيمة فأخرج الخمس وكان للنبي صلى الله عليه وسلم ثم قسم ما بقي بين أصحابه فصار لكل رجل منهم خمس فرائض ثم خرج خالد بن الوليد بأكيدر وبأخيه مصاد وكان في الحصن وبما صالحه عليه قافلا إلى المدينة فقدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدى له هدية فصالحه على الجزية وحقن دمه ودم أخيه وخلى سبيلهما وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فيه أمانهم وما صالحهم عليه وختمه يومئذ بظفره وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل على حرسه بتبوك عباد بن بشر فكان يطوف في أصحابه على العسكر ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ولم يلق كيدا وقدم المدينة في شهر رمضان سنة تسع فقال الحمد لله على ما رزقنا في سفرنا هذا من أجر وحسبة وجاءه من كان تخلف عنه فحلفوا له فعذرهم واستغفر لهم وأرجأ أمر كعب بن مالك وصاحبيه حتى نزلت توبتهم بعد وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم ويقولون قد انقطع الجهاد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم وقال لا تزال عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الدجال أخبرنا عتاب بن زياد قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا يونس عن الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال سمعت كعب بن مالك يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قل ما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا وغزو عدو كثير فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بوجهه الذي يريده أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب في قوله الذين اتبعوه في ساعة العسرة قال خرجوا في غزوة تبوك الرجلان والثلاثة على بعير وخرجوا في حر شديد فأصابهم يوما عطش شديد حتى جعلوا ينحرون إبلهم فيعصرون أكراشها ويشربون ماءها فكان ذلك عسرة من الماء وعسرة من الطهر وعسرة من النفقة أخبرنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة الغسيل حدثني بن لعبد الرحمن بن عبد الله أو بن لعبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى غزوة تبوك يوم الخميس وكانت آخر غزوة غزاها وكان يستحب أن يخرج يوم الخميس أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي أخبرنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوكا فأقام بها عشرين ليلة يصلي بها صلاة المسافر أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال رجعنا من غزوة تبوك فلما دنونا من المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة قال نعم حسبهم العذر أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب عن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في غزوة تبوك بعد أن رجعنا إلى المدينة إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حسبهم المرض حجة أبي بكر الصديق بالناس‏:‏ ثم حجة أبي بكر الصديق بالناس في ذي الحجة سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه على الحج فخرج في ثلاثمائة رجل من المدينة وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشرين بدنة قلدها وأشعرها بيده عليها ناجية بن جندب الأسلمي وساق أبو بكر خمس بدنات فلما كان بالعرج لحقه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء فقال له أبو بكر استعملك رسول الله على الحج قال لا ولكن بعثني أقرأ براءة على الناس وأنبذ إلى كل ذي عهد عهده فمضى أبو بكر فحج بالناس وقرأ علي بن أبي طالب براءة على الناس يوم النحر عند الجمرة ونبذ إلى كل ذي عهد عهده وقال لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ثم رجعا قافلين إلى المدينة أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا عبد الله بن وهب قال أخبرنا عمرو بن الحارث عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون الناس يوم النحر أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان فكان حميد يقول يوم النحرة يوم الحج الأكبر من أجل حديث أبي هريرة سرية خالد بن الوليد إلى بني عبد المدان بنجران‏:‏ ثم سرية خالد بن الوليد إلى بني عبد المدان بنجران في شهر ربيع الأول سنة عشر من مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم سرية علي بن أبي طالب إلى اليمن يقال مرتين‏:‏ ثم سرية علي بن أبي طالب إلى اليمن يقال مرتين إحداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى اليمن وعقد له لواء وعممه بيده وقال امض ولا تلتفت فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك فخرج في ثلاثمائة فارس وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد وهي بلاد مذحج ففرق أصحابه فأتوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونعم وشاء وغير ذلك وجعل علي على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي فجمع إليه ما أصابوا ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموا بالنبل والحجارة فصف أصحابه ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمي ثم حمل عليهم علي بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا فتفرقوا وانهزموا فكف عن طلبهم ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام وقالوا نحن على من وراءنا من قومنا وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله وجمع علي الغنائم فجزأها على خمسة أجزاء فكتب في سهم منه لله وأقرع عليها فخرج أول السهام سهم الخمس وقسم علي على أصحابه بقية المغنم ثم قفل فوافى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قد قدمها للحج سنة عشر ‏.‏

 ذكر عمرة النبي صلى الله عليه وسلم

أخبرنا هوذة بن خليفة وأحمد بن عبد الله بن يونس وشهاب بن عباد العبدي قالوا أخبرنا داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن بن عباس قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر عمرة الحديبية وهي عمرة الحصر وعمرة القضاء من قابل وعمرة الجعرانة والرابعة التي مع حجته أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي أخبرنا وهيب أخبرنا عبد الله بن عمر بن خثيم عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر عام الحديبية في ذي القعدة واعتمر عام صالح قريشا في ذي القعدة واعتمر مرجعه من الطائف في ذي القعدة من الجعرانة أخبرنا حجاج بن نصير أخبرنا أبو بكريعني الهذلي عن عكرمة قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر في ذي القعدة قبل أن يحج أخبرنا موسى بن داود الضبي قال أخبرنا عبد الله بن المؤمل عن بن أبي مليكة قال اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلها في ذي القعدة أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة إلا في ذي القعدة أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان يعني الثوري عن بن جريج عن عطاء قال عمر النبي كلها في ذي القعدة أخبرنا عفان بن مسلم وهشام أبو الوليد الطيالسي وعمرو بن عاصم الكلابي قالوا أخبرنا همام عن قتادة قال قلت لأنس بن مالك كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعا عمرته التي صده فيها المشركون عن البيت من الحديبية في ذي القعدة وعمرته أيضا من العام المقبل حين صالحوه في ذي القعدة وعمرته حين قسم غنيمة حنين من الجعرانة في ذي القعدة وعمرته مع حجته أخبرنا محمد بن سابق أخبرنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن عتبة مولى بن عباس أنه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم ثم اعتمر منها وذلك لليلتين بقيتا من شوال أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن داود بن عبد الرحمن عن بن جريج عن مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبي هكذا قال قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا من الجعرانة ثم رجع كبائت قال فلذلك خفيت عمرته على كثير من الناس قال داود عام الفتح أخبرنا موسى بن داود أخبرنا بن لهيعة عن عياض بن عبد الرحمن عن محمد بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة وقال اعتمر منها سبعون نبيا أخبرنا محمد بن الصباح أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا عمرة في شوال وعمرتين في ذي القعدة أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان يعني الثوري عن منصور عن إبراهيم قال ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أخبرنا هشيم أخبرنا المغيرة عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام في عمره ثلاثا أخبرنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى أدخل النبي البيت في عمره قال لا‏.‏